لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ» .. فهؤلاء الذين جعلهم المشركون آلهة يعبدونهم من دون الله، لا يخلقون شيئا، بل هم مما خلق الله، سواء أكانوا أحجارا أو أناسا أو ملائكة.. فكل ما فى هذا الوجود مخلوق لله. وهو وحده سبحانه المتفرد بالخلق.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ.. أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ.. أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ»(٤: الأحقاف) .
قوله تعالى:«أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ» هو حكم على هؤلاء المشركين الذين امتهنوا عقولهم هذا الامتهان الذليل، فعبدوا هذه المخلوقات، ولم يفرقوا بينها وبين خالقها- فهؤلاء الضالون هم أموات غير أحياء، إذ لا حساب لهم فى عالم البشر، وإنهم لا يشعرون- أىّ شعور- أن لهم حياة أخرى بعد هذه الحياة، وأن لهم يوما يبعثون فيه.. «وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ» أي متى يبعثون.. والمؤمن وإن كان لا يعلم متى يبعث، فهو على يقين بأنه سيبعث بعد الموت، ويعود إلى الحياة مرة أخرى..
- وفى قوله تعالى:«غَيْرُ أَحْياءٍ» توكيد لموت هؤلاء المشركين، موتا أدبيّا، انسلخوا به عن عالم الإنسانية.. وهذا هو السرّ فى الإشارة إليهم بضمير الغائب فى قوله تعالى:«وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» .. ولم تجىء الإشارة إليهم بضمير المخاطب «تدعون» .. وذلك لأنهم ليسوا أهلا لأن يخاطبوا..
وقوله تعالى:«إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ» .. هو خطاب للمؤمنين، وإلفات لهم إلى إلههم الذي يعبدونه، وأنه إله واحد، لا شريك له.. أما المشركون، الذين لا يشعرون-