أخذوا على الله عهدا ألا تجرى عليهم سنّة الله فى الذين خلوا من قبل؟ «قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» ! (٦٤: النمل) - وفى قوله تعالى:«فَأَتَى اللَّهُ. بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ» - إشارة إلى أن البلاء الذي نزل بهم كان بلاء ماحقا، أتى على حياتهم كلّها من أساسها، واجتثّها من أصولها.. فلم يبق من آثارهم دار ولا ديّار..
- وفى قوله تعالى:«فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ» تأكيد لهذا البلاء الشامل الذي أخذهم الله به، من الأرض والسماء، وأن السماء- وقد كانت سقفا محفوظا فوقهم- قد أطبقت عليهم، ترميهم بحجارة من سجّيل، وأن الأرض، وقد كانت بساطا ممدودا تحتهم، قد فغرت فاها لهم، وألقت بهم فى بطنها..
فالمراد بالسقف هنا، السماء.. كما يقول سبحانه:«وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً» وفى قوله تعالى: «مِنْ فَوْقِهِمْ» مع أن السقف لا يكون إلا من فوق توكيد لهذه الفوقية، وإلفات إليها، وإلى ما ينزل منها من بلاء، وقد كانت تنزل بالرحمة والغيث المدرار.
الضمير فى «يخزيهم» بعود إلى المذكورين فى قوله تعالى: «قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ، مِنْ قَبْلِهِمْ» فهؤلاء الذين أخذهم الله بالبلاء فى الدنيا من الذين كذبوا الرسل- لم يوفّوا حسابهم بعد، وأنهم إذا كانوا قد رموا بهذا العذاب فى الدنيا فإن لهم فى الآخرة عذابا أنكى وأشدّ.. وإن من صور هذا العذاب الذي ينتظرهم يوم القيامة، هو هذا الخزي الذي يلبسهم، حين يعرضون هذا العرض الفاضح على الملأ، ويسألون هذا السؤال الذي يكشف لهم جريمتهم، حين يسألهم الحق