الرجال، ولم يكن أحد منهم من النساء، وأنهم أوحى إليهم وهم رجال، قد بلغوا الرشد، وجاوزوا مرحلة الصبا والشباب، وأنه لم يكن أحد من رسل الله من عالم غير عالم البشر.
قوله تعالى:«بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» هو متعلق بقوله تعالى: «نُوحِي إِلَيْهِمْ» .. أي نوحى إلى هؤلاء الرجال الذين اخترناهم لرسالتنا «بالبينات» أي بالآيات البينات، وهى المعجزات المادية المحسوسة، كناقة صالح، وعصا موسى، ومعجزات عيسى. «والزبر» أي الكتب، والصحف.. كصحف إبراهيم، وصحف موسى، وكالتوراة والإنجيل..
- وفى قوله تعالى:«وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ» التفات إلى النبي الكريم، بهذا الخطاب الكريم من رب العالمين.. وأن الله سبحانه وتعالى قد نزّل إليه الذّكر أي القرآن الكريم، وسمّى ذكرا، لأن فيه من آيات الله ما يذكر الناس بالله سبحانه وتعالى، ويلفت قلوبهم وعقولهم إليه..
كما أن فيه ذكرا باقيا للنبىّ الكريم وقومه، كما يقول سبحانه:«وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ» .. فهذا الحديث الطيب المتصل مع الزمن، المردّد على أفواه الأمم، من سيرة النبي الكريم، وسيرة أصحابه الكرام، والهداة المصلحين من أئمة المسلمين وعلمائهم- هذا الحديث، هو أثر من آثار هذا الكتاب الكريم، الذي أنزل على النبي الكريم..
وفى تعدية الفعل «أنزلنا» بحرف الجر «إلى» بدل الحرف المطلوب له وهو «على» إشارة أن إنزال الكتاب لم يكن محمولا إلى النبي حملا، جملة واحدة، وإنما أوحى إليه وحيا، آية آية، أو آيات آيات..
وقد جاء قوله تعالى:«طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى» كما جاء