الأرض، من حيواناتها ودوابها.. إذ كانوا جميعا كيانا واحدا، مطالبا بأن يقيم خلافة الله فى الأرض، على صراط مستقيم..
قوله تعالى:«وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ» - أي ولكن شاءت رحمة الله بالناس ألا يعجّل لهم العقاب، وأن يقيمهم فى الحياة إلى أجل مسمّى، حتى تتاح لهم الفرصة لإصلاح ما أفسدوا، والرجوع إلى ربّهم.. إذ لا شك أن فى امتداد العمر للظالم رحمة به، حتى يراجع نفسه، ويرجع إلى ربّه.. فإن لم يرجع إلى الله، ويؤمن به فإن مطاولة الزمن له لم تضرّه، فقد كان بكفره غير متقبل لجديد من الضرر.. إذ ليس بعد الكفر ذنب.
وإلى هذا المعنى يشير الإمام على كرم الله وجهه بقوله:«موت الإنسان بعد أن كبر وعرف ربّه، خير من موته طفلا، ولو دخل الجنة بغير حساب» ! قوله تعالى: «وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى» - هو تنديد بالمشركين، واستنكار لأفعالهم وأقوالهم جميعا، فهم يجعلون لله ما يكرهون، أي ينسبون إليه الإناث، فيجعلون الملائكة بناته، ويسمّون آلهتهم بأسماء مؤنثة، ويقولون عنها إنها بنات الله! وفى هذا يقول الله تعالى فيهم:«إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً»(٢٧- ٢٨: النجم) .. هذا، على حين يجعلون لأنفسهم الذكور، ثم لا يقف بهم الضلال عند هذا، بل يمنّون أنفسهم الأمانى المسعدة، ويقولون إن لهم العاقبة الحسنى عند الله.. كما يقول الله تبارك وتعالى فاضحا هذه الأمانى الخادعة: