متعلّق بها، إلا هذه العدة التي تعتدها رعاية للرابطة الزوجية التي بينها وبينه، واستبراء لرحمها منه.. وهذا لا يمنع من أن تكون موضع نظر من يريد الزواج منها.. فقد يكون من العزاء لها أن تجد فى فترة الحزن والوحشة أملا يجىء إليها فى صورة زوج منتظر، بعد انقضاء عدتها! وإنه لكى لا يدخل على هذه العدة ما يجرحها ويذهب بحكمتها، فقد أبيح للرجل أن يعرّض بخطبة المعتدة لوفاة ولا يصرح بهذه الخطبة، فهذا التصريح يقضى على كل أثر لهذه العدة.
وإنه لخير من هذا أن يضمر الرجل فى نفسه خطبة المعتدة لوفاة.. فذلك ما لا حرج فيه، ولا إثم فيه! وقوله تعالى:«عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً» أي علم الله أنكم لا تقدرون على كتمان ما فى أنفسكم، وسيجرى ذكرهن على ألسنتكم، وقد تجاوز سبحانه وتعالى لكم عن ذلك، ولم يبح لكم لقاءهن والتحدث إليهن فى تكتم وخفاء، فذلك مما يثير الشكوك والريب، ويجعل لألسنة السوء مقالا، فإذا كان لكم معهن حديث فليكن حديثا مشهودا ممن يؤتمن عليه، فيعرف ما يقال، ولا يدع سبيلا إلى قالة سوء.
وقوله تعالى:«وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ» المراد بالكتاب هنا ما كتب على المرأة من عدّة، وأجل الكتاب عمره ومدته.. والآية تنهى عن المعالنة الصريحة، واتخاذ ما يدل على القطع بالرابطة الزوجية التي ستكون بين المعتدة المتوفى عنها زوجها وبين من يرغب فى الزواج منها، فذلك من شأنه- كما أشرنا إلى ذلك من قبل- أن يفسد الحكمة من هذه العدة، ويقضى على مظهر الرعاية لحرمة المتوفّى ولمشاعر أهله!