- وقوله تعالى:«ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ» .. أي لا يؤذن لهم بالكلام، إذلالا لهم، وكتبا.. كما يقول سبحانه:«هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ» أي ليقيم المذنب لنفسه عذرا عما فعل من قبيح.. والمراد بعدم الإذن لهم بالكلام هو فى تلك الحال التي يواجهون فيها رسلهم.. الذين يتكلمون.. أمامهم فيسمعون شهادة رسلهم فيهم دون أن ينطقوا بكلمة، إذ ليس لهم كلمة يقولونها هنا، بين يدى هذا الحق الذي تخرس معه الألسنة.
قوله تعالى:«وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ، فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ» .. أي حين يشهد الظالمون، العذاب، ويستيقنون أنهم صائرون إليه، يفزعون منه، ويشتد بهم البلاء، ويحيط بهم الكرب.. ولكن لا مفزع لهم..
فذلك هو العذاب لذى أعدّ لهم، ولن ينظروا ويمهلوا، بل يلقى بهم فيه قبل أن يردّوا أبصارهم عنه.
هذا مشهد من مشاهد القيامة. وفيه، يرى المشركون وقد دارت أعينهم تبحث عن طريق للنجاة، من هذا البلاء المحيط بهم، حتى إذا رأوا شركاءهم الذين عبدوهم من دون الله تعلقوا بهم قائلين:«رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ» .. إنهم هم الذين أضلونا، ووقفوا فى طريقنا إليك..
«فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ» أي رموهم بهذه الكلمات القاتلة التي قطعت هذا الحبل الذي تعلقوا به، وظنوا أنهم ناجون.. «إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ» أي إننا لم ندعكم إلى عبادتنا، بل عقولكم الفاسدة، هى التي أضلتكم، وأرتكم منّا ما رأيتم، حتى جعلتمونا آلهة تعبد من دون الله..