وبأخذه عنهم، يمكن أن يفعل هذا، وأن يحدثهم بما يحدثهم به من أخبار الأولين، وفى هذا يقول الله تبارك وتعالى عنهم:«وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا»(٥: الفرقان) ..
- وفى قوله تعالى:«وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ» بالتعبير بفعل المستقبل- إشارة إلى أن علم الله محيط بهم، وأنه سبحانه وتعالى يعلم ما قالوا، وما سيقولون من تلك المقولات المنكرة، التي يقولونها فى النبي الكريم، وفى كتاب الله الذي بين يديه..
- وفى قوله تعالى:«إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ» - إلفات لهم إلى كلمة «بشر» وإلى أنه يجب أن يقفوا عندها، وأن ينظروا فى هذا القول الذي يقولونه من غير رويّة، ولا تدبر.. وهل فى استطاعة بشر- أيّا كان- أن يأتى بمثل هذا القرآن؟ أليسوا هم بشرا؟ فما لهم إذن لا يأتون بسورة من مثله؟ .. ثم ما لهذا البشر الذي يعلم محمدا ألّا يأخذ مكان محمد، ويدّعى لنفسه هذا الذي يدّعيه محمد من أنه نبىّ، وأنه متصل بالسّماء، يتلقى منها هذا القرآن؟
- وقوله تعالى:«لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ.. وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ» .. هو فضح لهذا المنطق السقيم، الذي أقام عليه المشركون اتهامهم للنبى.!
فالبشر الذي «يلحدون إليه» .. أي يشيرون إليه، ويتخذونه تكأة يتكئون عليها فى هذا الاتهام- هذا البشر، هو رجل أعجمىّ، لا يحسن العربية، ولا يستقيم لسانه عليها.. وهذا القرآن الذي بين يدى محمد، هو بلسان عربىّ مبين، قد تحدّى ببيانه وفصاحته بلغاءهم، وفصحاءهم، وأهل اللّسن فيهم، من خطباء وشعراء.. فما لهم وهم أصحاب هذا اللسان، ألا يقفوا لمحمد، ويتحدّوه يقول كقوله، وحديث كحديثه؟ .. ثم ما لهم لا يتلقون أخبار الأولين من هؤلاء