وإذا أقمنا الآية الكريمة- كما قلنا- على تلك الضوابط لم نجدها تستقيم عليها، أو تستجيب لها..
فما جاءت الشريعة السمحاء فى كتابها الكريم ولا فى السنّة المطهرة، بمباح ثم حظرته، ولا حملت إلى الناس خيرا ثم عادت فسلبته، ولا بسطت يدها الكريمة بإحسان ثم قبضتها.. بل العكس هو الصحيح، وهو الواقع..
ولا نسوق الشواهد لهذا.. فأمر الشريعة كله قائم على اليسر والخير والرحمة.. فما كان على غير هذه السبيل فهو مدخول على الشريعة، مفترى عليها.
وننظر فى الآية الكريمة:«وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ» فنرى المرأة الموصى لها- بأمر الله- بهذه الوصية، قد كانت فى ظل زوج كفل لها الاستقرار والسّكن، وأنها قد اطمأنت إلى تلك الحياة، وأنست بها، وقرت فيها.. ثم إذا هى تمسى أو تصبح فتجد الرجل الذي كان يظللها بجناحيه قد طواه الموت، وذهب به بعيدا عنها إلى غير رجعة!! فانظر ماذا يكون حالها وهى تستقبل هذا الوجه الجديد من الحياة؟ ثم ضع فى تقديرك أنها ربما تكون قد استهلكت شبابها، وصحتها، وقواها، فى هذا البيت الذي دخلته فتاة ملء إهابها الشباب والصحة والقوة.. ثم ضع فى تقديرك أيضا أن هذه المرأة- مع ذهاب شبابها واستهلاك صحتها- قد لا تكون أمّا لولد يؤنس وحشتها، ويحمى حماها، ويرعى شيخوختها.
انظر ماذا يكون من شأن هذه المرأة وقد جاءها من ورثة زوجها، عشيّة موته أو ضحاها- جاءها من يمسك بيدها لينتزعها من عشّها الذي عاشت فيه، ويقودها إلى ما بعد الباب، ثم يقول لها:«مع السلامة» ! إن رفق وتلطف،