وفى القرآن الكريم، وفى السنة المطهرة- كما قلنا- منهاج متكامل حكيم لإقامة هذا البناء. وإحكام هذا النسج المتلاحم بين الرجل والمرأة، إذا استقام المجتمع الإنسانى عليه، ونسج على منواله.
ولكن الذي حدث كان على غير هذا الاتجاه، إذ أنّ تفسير القرآن بدأ فى عصر كانت فيه المرأة قد أخذت وضعا جائرا فى المجتمع، لكثرة ما ازدحم فى عصور الخلفاء والأمراء والوزراء وأصحاب الجاه والثراء- من الإماء، اللائي غلبن على الحرائر، واستأثرن بالنصيب الأوفر عند الرجال، وبهذا صرن الوجه البارز للمرأة فى هذا العصر، فى حين أصبحت المرأة الحرة فى بيت الرجل شيئا كماليّا، لا يراد منه غير أن يكون للرجل امرأة، يكون له منها الولد أو الأولاد! وحين أخذ المفسرون ينظرون فى كتاب الله، وفى الآيات التي تمسّ المرأة، وتقرر الأحكام التي تربط بينها وبين الرجل، وتحدد مالها من حقوق وما عليها من واجبات- حينئذ كانت نظرة المفسرين إلى المرأة واقعة على هذه الصورة الشائهة لها، المعزولة عن الوضع الصحيح الذي أقامتها الشريعة عليه.. ومن هنا كان تأويل آيات الكتاب الكريم واقعا تحت هذا المفهوم الجديد للمرأة، متأثرا به، مقدورا بقدره! وقد جاء الفقهاء على آثار المفسّرين فنظروا من وراء نظرتهم، وبنوا أحكامهم على أساس تلك النظرة، فبخسوا المرأة حقّها وأزالوها عن تلك المنزلة التي رفعها الإسلام إليها، وأعادوها إلى أنزل من الوضع الذي كانت عليه فى الجاهلية.
والشيء الذي يلفت النظر فى هذا هو أن كلمة المفسّرين الأولى فى تأويل كتاب الله كانت طريقا سلكه كل من جاءه بعدهم، فنظر بنظرهم، وأخذ