فإذا أراد الله سبحانه وتعالى أمرا استدعى له أسبابه، ثم أجراه على هذه الأسباب، وأقامه على سننه الكونية..
وهو سبحانه مبدع، قادر، يقول للشىء كن فيكون.. وليست هذه الأسباب وتلك السنن حدودا تحدّ من سلطان القدرة، والإبداع.. وإنما هى فى ذاتها من عمل القدرة، ومن آيات الإبداع، إذ كانت الحكمة قائمة مع الإبداع والقدرة.. وإلا فلو كانت القدرة قدرة مطلقة لا تتلبس الحكمة بها لكانت قوة طاغية، ترمى بالفوضى، والاضطراب.. تعالت قدرة الله عن ذلك علوّا كبيرا..
وصفات الله سبحانه وتعالى، فى كمالها وجلالها، ليست على هذا التصور الذي نتصوره، من أنها صفات متعددة.. وإنما هى فى ذاتها صفة واحدة لله..
فكما أنه سبحانه واحد فى ذاته، هو سبحانه واحد فى صفاته.. ولكن هذا التعدد فى الصفات، إنما هو من حيث نظرتنا نحن إلى تجلّيات الله سبحانه وتعالى، فحين ننظر إلى العلم مثلا، ننسب العلم الكامل الشامل لله سبحانه وتعالى..
ولكنه علم من؟ إنه علم الله المتصف بصفات الكمال كلها.. وهكذا الشأن فى كل صفة نصف الله جلّ وعزّ بها.. إنها صفة الله المتصف بكل كمال، المنزّه عن كل نقص..
والآية الكريمة تحدّث- كما قلنا- عن قضاء الله فى عباده، وسنّته فيهم، وأنه- سبحانه- إذا قضى بأن يهلك قرية لم يهلكها حتى يقيم الحجة عليها، بإرسال الرسل أولا، ثم بما يكون منها من عصيان الرسول، وكفر بالله، وبما يسوق إليه الكفر من ضلال وفساد.. ثانيا.
- وفى قوله تعالى:«أَمَرْنا مُتْرَفِيها»
إشارة إلى قضاء الله النافذ فيهم، وأنهم- تحت حكم هذا القضاء، لن يؤمنوا أبدا ولو جاءتهم كلّ آية..