فلا يكن ذلك داعية له إلى التعالي على الناس، وإلى النظر إليهم معجبا بنفسه، مزهوّا بعلمه.. فإنه مهما بلغ من قوة وعلم، فإنه إنسان، وفى حدود البشرية ينبغى أن يعيش.. وإنه مهما بلغ من قوة، فلن يخرق الأرض بقدميه الواهيتين، إذ يضرب بهما وهو يسير فى الأرض مرحا.. وإنه مهما شمخ بأنفه، ونفخ فى أوداجه فلن يطاول الجبال.. فلم إذن هذا الضّرب على الأرض بالقدمين؟ ولم هذا التشامخ بالأنف والتطاول بالعنق؟ إن ذلك عناء لا جدوى منه، ولا طائل تحته! قوله تعالى:«كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً» .
لفظ الإشارة «ذلك» مشار به إلى كل ما تقدم من منهيّات وأوامر..
وأن هذا الذي وقع النهى عليه هو السيّء، المكروه عند الله، يجب اجتنابه وحراسة الإنسان نفسه من أن يلمّ به..
الإشارة «ذلك» إلى ما تحدثت به الآيات السابقة من منهيات ومأمورات، وهى من الحكمة التي أوحى الله سبحانه وتعالى بها إلى النبىّ.. وفى الخروج عليها مهلكة وضياع.
- وفى قوله تعالى:«وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً» إظهار مزيد من العناية بهذا الذي أوحى به الله سبحانه وتعالى من الحكمة، وهو النهى عن الشرك بالله، إذ كان الشرك بالله- عصمنا الله منه- هو كبيرة الكبائر، لا يصلح لإنسان مع الشرك عمل أبدا.. وليس للمشرك مصير إلا النار.