منه.. فناسب أن تجىء هذه الآية، لتضبط المشركين من أهل مكة، وهم متلبسون بشركهم بالله، وعبادتهم الملائكة واتخاذهم لهن ربّات، على حساب أنهن بنات الله! وفى هذا الاستفهام إنكار عليهم، وتوبيخ لهم أن يجعلوا لله البنات، على حين أنهم لا يرضون أن يولد لهم البنات.. فكيف يئدون البنات، ثم يعبدونهن؟ ثم كيف يجعلون لله البنات، ويجعلون لهم البنين؟ أهذا يتفق- حتى فى منطقهم- مع مقام الله الذي يعبدون بناته؟ إنّ أقل ما يقتضيه هذا المنطق أن يكون أبناء الله ذكورا، إذ كان الذكور عندهم فى مقام محمود محبوب! ولهذا جاء قوله تعالى:«أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى، تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى»(٢١- ٢٢: النجم) .. منكرا عليهم هذه القسمة الجائرة، مسفّها أحلامهم الفاسدة، وتصوراتهم المريضة! - وفى قوله تعالى:«إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً» اتهام لهم بهذا القول المنكر الشنيع الذي يقولونه على الله سبحانه وتعالى.. ووراء هذا الاتهام إدانة، وعقاب راصد شديد! وأصفاه بالشيء: اختصه به، وجعله خالصا له..
وفى نسبة الإصفاء إلى الله:«أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ» إشارة إلى أن الله سبحانه هو الذي يهب لكم ما يهب من بنين، إنه لا يستقيم مع منطق أن يخصهم الله تعالى بالبنين، ثم يجعل لنفسه البنات؟