للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقرأ كتابه، ويقرأ كتب أصحابه! أما أهل الشمال.. فكل منهم فى شغل بما بين يديه من همّ ثقيل!! قوله تعالى: «وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا» هو بيان للجماعة المقابلة لأهل اليمين، الذين أخذوا كتبهم بأيمانهم، وجعلوا ينظرون فيها، ويقرءون أعمالهم الطيبة التي تبشرهم بالفوز والفلاح..

ولم تذكر الآية أصحاب الشمال ذكرا صريحا، وإنما دلّت عليهم بأوصافهم..

فهم عمى يوم القيامة، لما يغشاهم من كرب هذا اليوم، وما يطلع به عليهم كتابهم الذي يأخذونه بشمالهم، من نذر الشؤم والبلاء.. فلا ينظرون إليه، وإذا نظروا لم يبصروا شيئا.. حيث ملك الرعب وجودهم، وأخذ الفزع قلوبهم وأبصارهم! إنهم كانوا عميا فى هذه الدنيا، فلم يروا آيات الله، ولم ينظروا فيما جاءهم به رسل الله من هدى ونور.. وهاهم أولاء فى الآخرة على ما كانوا عليه فى الدنيا، قد غرقوا فى بحر متلاطم الأمواج من الكرب والبلاء، فلا يجدون طريقا للنجاة، ولا يرون وجها للفرار من هذا الهول العظيم..

قوله تعالى: «وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا» ..

فتنه يفتنه عن الشيء فتونا: أضلّه عنه، وصرفه إلى غيره.

والافتراء: الاختلاق، وتلفيق الأخبار..

وفى هذه الآية، يردّ المكذّبون بالآخرة، إلى الدنيا مرة أخرى، بعد أن رأوها عيانا فيما يشبه أحلام اليقظة.. وما يكادون يصحون من غفوتهم تلك حتى يواجهوا بما كانوا يأخذون به النبىّ من عنت، وما يتهدّدونه من أذى..

حيث يريدونه على أن يترك آلهتهم، ولا يعرض لها فى القرآن الذي يتلوه على

<<  <  ج: ص:  >  >>