المنجحة له، حتى يخرج منه موفقا، بالغا الغاية المرجوة منه..
فالدخول إلى أي أمر ما، هو مباشرته، والخروج منه، هو الفراغ منه..
كالمعركة مثلا فى ميدان القتال.. الدخول إليها هو الالتحام فى القتال، والخروج منها هو انتهاء المعركة بانتصار أحد الفريقين المتقاتلين..
والدخول مدخل الصدق إليها، يكون أولا وقبل كل شىء بتخليص دوافعها من البغي والعدوان، بأن تكون دفاعا عن حق، ودفعا لظلم..
ثم يكون ثانيا، بالإعداد لها إعدادا روحيا وماديا، بتوطين النفس على الاستشهاد فى سبيل الله، وباستيفاء وسائل الحرب، وخطط القتال.
وهكذا كل أمر يعالجه النبىّ.. يدعو الله أن يكون دخوله إليه من مدخل الحق، لا يبغى غير الحق ولا يعمل لغير الحقّ. وأن يكون خروجه منه من مخرج الحقّ، فلا يتلبّس أثناء ممارسته لهذا الأمر بشىء من الباطل.. وهذا إنما يستعان عليه بالله سبحانه وتعالى، ولهذا جاء قوله تعالى:«وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً» فبهذا السلطان الذي يمدّه الله به، يجد الحراسة القوية الأمينة، التي تدفع عنه كلّ عارض يعرض له من وهن أو ضعف أو خذلان.
قوله تعالى:«وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً» .. هو الوصف الكاشف لخاتمة أمور النبىّ كلّها، قبل أن تجىء خاتمتها.. فكل أموره- صلوات الله وسلامه عليه- سيدخلها مدخل صدق، وسيخرج منها مخرج صدق، مستندا إلى سلطان الله، مؤيّدا بنصره.. وهذا إعلان- مقدّما- بانتصار الحق الذي يدعو إليه النبىّ، ويعمل له، وهو دعوة الإسلام، وهداية الناس إلى الله..
وقد تحقق هذا.. فانتصرت دعوة الإسلام، ودخل الناس فى دين الله أفواجا! ..