يسألونه إياها- فناسب أن يجىء قوله تعالى:«وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ» ليكشف عن طبيعة هؤلاء المشركين، وأنهم ممن لم يرد الله أن يطهّر قلوبهم، وأنهم لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم..
فهؤلاء المشركون هم ممن حقّت عليهم كلمة العذاب، وأنهم أصحاب النار، وأنهم إن يدعوا إلى الهدى فلن يسمعوا، ولن يهتدوا أبدا..
هكذا كانت مشيئة لله فى هؤلاء الضالين المشركين، ولن يردّ عنهم مشيئة الله، ولىّ ولا نصير. وإذن فإنهم سيموتون على ما هم عليه من كفر وضلال، فإذا حشروا يوم القيامة، سحبوا على وجوههم إلى جهنم، وجرّوا إليها جرّا، كما يقول سبحانه وتعالى:«يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ»(٤٨: القمر) وفى سحبهم على وجوههم إذلال لهم وامتهان لإنسانيتهم، وقد كانت هذه الوجوه تلبس ألوانا من الكبر، والصّعر، والتعالي على العباد.
- وفى قوله تعالى:«عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا» إشارة إلى ما يحيط بهم من هول، وما ينزل بهم من كرب، حتى لتذهب حواسّهم، وتتعطل جوارحهم..
فلا يبصرون، ولا يتكلمون، ولا يسمعون.
- وقوله تعالى:«مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ» أي مصيرهم، ومستقرّهم.
- وقوله تعالى:«كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً» أي كلّما أخذت هذه النار فى الخمود، وخفّ عليهم سعيرها، زادت اشتعالا وسعيرا، وذلك مما يضاعف فى آلامهم، ويزيد من عذابهم، حيث تتغاير بهم أحوال العذاب، فيتقلبون بين اليأس والرجاء، وبين الموت والحياة.. وذلك هو العذاب فى أقسى صوره، وآلمها.. على خلاف ما لو كان العذاب الواقع بهم على حال واحدة، ولو كان بالغا غاية الشدة، فإنه بعد فترة من الزمن يصبح شيئا رتيبا، يجرى على وتيرة