للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأسف: الحزن الشديد، الذي يجىء من رقة الشعور ورفاهة الحسّ.

وفى الآية دعوة إلى النبي الكريم، أن يتخفف من دواعى الحسرة والأسف على قومه، الذين يأبون الاستجابة له، والإيمان بهذا الكتاب الذي يتلوه عليهم، ويدعوهم إلى اتباعه.

- وفى قوله تعالى: «عَلى آثارِهِمْ» تلويح بالتهديد لهؤلاء المشركين، وبالهلاك المطلّ عليهم، إذا هم أصروا على هذا الموقف المنحرف، الذي يقفونه من النبي والكتاب الذي معه، وأنهم فى معرض أن يصبحوا أو يمسوا، فإذا هم فى الهالكين، وإذا هم أثر بعد عين.

«إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً» .

الأرض الجرز: التي لا نبات فيها، سواء كان ذلك لأنها لا تنبت أصلا، أو كان فيها نبات ثم اقتلع من أصوله..

ومناسبة هذه الآية لما قبلها، هو أنه لما كان الذي صرف المشركين عن الإيمان بالله، وبالكتاب الذي أنزل على رسوله- هو اشتغالهم بالحياة الدنيا، وبالتكاثر والتفاخر بينهم، فقد جاءت هذه الآية لتكشف لهم عن دنياهم هذه التي صرفتهم عن النظر فى آخرتهم، وأن هذا المتاع الذي فى هذه الدنيا، إنما جعله الله سبحانه وتعالى زينة لها، حتى يكون للناس نظر إليها، واشتغال بها، وعمل جاد نافع فيها.. وفى هذا ابتلاء لهم، وامتحان لما يحصّلون منها..

فالذين يأخذون حظّهم من الدنيا ولا ينسون نصيبهم من الآخرة، هم الفائزون، والذين يجعلون الدنيا همّهم، دون التفات إلى الآخرة، هم الذين خسروا أنفسهم، وباعوها بالثمن البخس.. فهذه الدنيا وما عليها، ومن عليها.. كل هذا إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>