وغير بعيد أن تكون هجرة المسلمين إلى الحبشة، من وحي هذه القصة..
وغير بعيد أيضا أن تكون الخطة التي رسمها الرسول وصاحبه أبو بكر، فى هجرتهما إلى المدينة، منظورا فيها إلى تلك القصة أيضا.. فقد جعل الرسول وصاحبه من غار «حراء» كهفا يؤويهما أياما، إلى أن تنقطع عنهما عين المتربصين من أشرار قريش.. ثم يكون بعدها الاتجاه إلى المدينة التي كانت مقصد الرسول وهجرته..!
ونعود إلى القصّة.. فنرى عجبا عجابا..
دنيا صامتة، يخّيم عليها السكون والوحشة، وغار يأخذ مكانه فى هذه الدنيا الصامتة، وهذا السكون المطبق، وتلك الوحشة الخانقة..!
ولقد ألقى الفتية بأنفسهم فى جوف الكهف، كما تلقى بضع حصيات فى جوف المحيط..
ولكن سرعان ما يتبدل الحال، ويأتى القرآن بآياته المعجزة، فيكشف عما وراء هذا الصمت من حياة متدفقة، وإذا بنا بين يدى هذا الغار الموحش المخيف، إزاء مسرح يموج بالأحداث العجاب.
ولا نرى فى هذا المقام أروع، ولا أصدق من كلمات الله فى عرض الموقف، وكشف هذه الأحداث.