ابتلاه الله به.. وكان شأنه- لو عقل- أن يحمد الله، ويذكر ما ألبسه من نعمه..
ولكنه لم يفعل هذا، بل كفر بالله، ولم يوجه إليه وجها، أو يرفع إليه بصرا..
وليته وقف عند هذا، بل لقد استبدّ به الغرور، وركبه الطيش والنّزق، فأخذ يكيد للمؤمنين، ويغريهم بالضلال، ليفتنهم فى دينهم.. إذ كانوا مع إيمانهم بالله، فى فقر ومعسرة، وهو مع كفره بالله، فى هذا الغنى الواسع، وذلك الثراء العريض!! فلم الإيمان بهذا الإله إذن؟ وما جدوى التعلّق به إذا كان المتعاملون معه، على تلك الحال من الفاقة والبؤس؟ هذا هو المنطق الذي يبشرّ به هذا الكافر، فى الناس، ويحاجّ المؤمنين به.
هذا موقف من مواقف الفتنة، يلقى بها هذا الكافر بين عينى المؤمن.
إنه أكثر من صاحبه المؤمن مالا وأعزّ نفرا! ولا سبب لهذا إلا لأنه كافر..
وصاحبه مؤمن! ذلك هو منطق من أعمى الله أبصارهم وختم على قلوبهم.. يقول لصاحبه:«أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً» ولو كنت على ما أدين به لكنت مثلى، ولكان لك مالى، من مال، وبنين، وجاه، وقوة! ولم يقف الضلال بهذا الضّال عند هذا، بل لقد أخذ بيد صاحبه، يطوف به فى جنتيه، حتى يريه بعينيه هذا النعيم الذي ينعم به من كفر بالله!! ..
ويمضى الرجل المؤمن معه فى رحاب هذه الجنات العريضة.. ولعلّ صاحبه قد هيأ له أكثر من مجلس فيها، وأعدّ له أكثر من لون من ألوان الطعام من ثمارها.!
وينتظر الكافر أن تتحرك فى نفس صاحبه شهوة إلى هذه الجنات، أو يبدو فى عينيه إكبار وإعظام لها ولصاحبها- فلا يرى شيئا من هذا كلّه، يدخل على نفس صاحبه، أو يقارب ما بينه وبينه قيد أنملة..