ثم جاء الوقت الذي يحصد فيه.. فإن لم يحصد، قطعت الأرض صلتها به..
فصار هشيما، وحطاما. تذروه الرياح كما تذرو التراب! - «وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً» فيخرج الحىّ من الميت، ويخرج الميت من الحىّ، ويقيم من الأرض الجديب جنات وزروعا، ويحيل الجنات والزروع إلى جدب وقفر.. وكذلك يخلق الناس من تراب، ثم يعيدهم ترابا، ثم يردّهم بشرا سويّا!.
تشير الآية إلى أبرز لونين وأزهاهما فى هذه الحياة الدنيا، التي يفتن الناس بها، ويشغلون بها عن الله، وعن الحياة الآخرة، وهما المال والبنون.. وقدم المال على البنين، لأنه المطلب الأول للإنسان، فكل إنسان طالب للمال، وليس كل إنسان طالبا للولد.. فكثير من الناس لا يطلبون الأولاد، بل يعيشون بغير سكن إلى زوجة، ولكنهم جميعا لا يستغنون عن طلب المال.. ومع هذا فإنه إذا حصل الإنسان على الولد، تعلق قلبه به، وكان الولد عنده مقدّما على المال! فالمال والبنون، هما أشدّ مظاهر الحياة فتنة للناس، وأكثرها داعية لهم، وأقواها سلطانا عليهم.. والله سبحانه وتعالى يقول: ِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ، وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ..»
(١٥: التغابن) .
- وفى قوله تعالى:«وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا» إشارة أخرى إلى ما هو خير من الأموال والأولاد، مما يمكن أن يحصّله الإنسان فى هذه الحياة الدنيا.. وتلك هى «الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ» التي هى الإيمان بالله، الذي هو رأس الأعمال الصالحة التي أمر الله بها من عبادات، ومعاملات،