إنسان، ويظهر فيه كل مخلوق، فلا يختفى أحد فى زحمة هذه الجموع الحاشدة..
فهم جميعا فى عين القدرة صفّ واحد، يأخذ كلّ مكانه، ويلقى حسابه وجزاءه.. «يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ»(١٨: الحاقة) .
- وفى قوله تعالى: َقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ»
إشارة إلى أن الناس يجيئون يوم القيامة ولا شىء معهم، مما كان لهم فى الحياة الدنيا، من مال وبنين، وما كان بين أيديهم من جاه وسلطان.. لقد جاءوا عراة حفاة، عزلا من كلّ شىء، ضعافا، مجردين من كل قوة، كما ولدوا عراة، حفاة، لا شىء معهم! - وفى قوله تعالى: َوَّلَ مَرَّةٍ»
إشارة إلى الخلق الأول للإنسان، وهو خلق الميلاد.. وفيه إشارة أيضا إلى أن الأطوار التي ينتقل فيها الإنسان من الطفولة إلى الصبا والشباب، والكهولة والشيخوخة.. وإلى ما يجدّ للإنسان فى هذه الأطوار من أحوال التملك، والتسلط، وغيرها- إنما هى جميعها من تدبير الله سبحانه وتعالى للإنسان، ومن صنيعه به.. فكأنه فى تنقله من طور إلى طور، ومن حال إلى حال، هو خلق جديد له.. غير الخلق الأول الذي ولد به! ولكن البعث إنما يكون على صورة أشبه بصورة الميلاد، من حيث التعرّى من كل شىء ملكه الإنسان فى الدنيا.