للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذريته فى هذه الصورة الساقطة من بين المخلوقات جميعا، وأنهم مضلّون، مفسدون.. وأنه إذا جاز أن يتخذ الله سبحانه وتعالى من خلقه عضدا، أي معينا- وتعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا- فإنه لن يتخذ أرذل خلقه، وأبعدهم من رحمته.. إنه لا يستقيم أبدا أن يقرّب الإنسان أبغض الناس إليه، ويتخذهم أعوانا له، وبين يديه من هم أحباؤه، وأصفياؤه، وأهل ودّه؟ فكيف بالله سبحانه وتعالى، وبحكمته وعلمه بخلقه؟

قوله تعالى:

«وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً» .

الموبق: المهلك، وهو هنا النار التي يلقى فيها المشركون.

وهذه الآية عرض عام لما يكون بين المشركين، وبين من اتخذوهم شركاء من دون الله، حين يجدّ الجدّ، وتقع ساعة الحساب.. عند ذلك ينادى منادى الحق على هؤلاء المشركين: أن ادعوا شركاءكم الذين زعمتم، أي الذين اصطنعتموهم من مزاعم أوهامكم وظنونكم.. «فَدَعَوْهُمْ.. فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ» .. بل أنكروهم، وأنكروا أن لهم صلة بهم.. أو لم يستجيبوا لهم أصلا، إذ كان ما عبدوه وهما باطلا، لا وجود له.. «وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً» أي جعلنا بين المشركين وبين من أشركوا بهم «موبقا» أي حاجزا من النار يلقى فيها هؤلاء المشركون، دون أن تمتد إليهم يد من هؤلاء الشركاء الذين كانوا يعبدونهم، ويلقون إليهم بالمودة والولاء، فهذا الذي كان بين المشركين وبين معبوداتهم من ولاء ومودة، قد صار هلاكا، ووبالا، ونارا تلظّى! وفى قوله تعالى: «شُرَكائِيَ» بإضافتهم إليه سبحانه وتعالى، مع أنهم ليسوا شركاءه على الحقيقة- فى هذا عرض لتلك الجريمة الشنعاء على أعين هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>