أي إنه ليس هناك قوة خارجة عن كيان الإنسان ترغمه على الإيمان بالله..
وإن رسل الله الذين أرسلوا لهداية الناس، ودعوتهم إلى الحق، لا يملكون هذه القوّة التي تحمل الناس حملا على الهدى، وتكرههم إكراها على الإيمان:
«وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ» فتلك هى مهمّة الرسل، وهذه هى وظيفتهم فى أقوامهم.. يبلغونهم رسالة ربهم، وما تحمل إليهم من مبشّرات ومنذرات..
- وفى قوله تعالى «وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ» بيان لموقف المعاندين الضالين، من دعوة الرسل، وأنهم يلقون رسالة الله، ودعوة الرسل بالمراء والجدل، وليس بين أيديهم فى هذا الجدل، إلا الباطل يرمون به فى وجه الحق، يريدون به أن يدحضوه، أي يوقعوه ويهزموه..
- وفى قوله تعالى:«وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً» تهديد ووعيد لهؤلاء الذين يسخرون بآيات الله، ويهزءون برسله، وبما ينذرونهم به من عذاب الله، فيقولون فيما يقولون:«فَأْتِنا بِما تَعِدُنا.. إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ»(٣٢: هود) .
قوله تعالى:«وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً» وإنه لا أظلم من إنسان جاءه من يذكّره بآيات ربّه- وكان من شأنه بما معه من عقل أن يذكر آيات ربّه المبثوثة فى هذا الوجود، ويتهدّى إليه، ويؤمن به- من غير أن يدعوه أحد «فَأَعْرَضَ عَنْها» وأصمّ أذنه عن الاستماع إليها، «وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ» من آثام وضلالات» .
إنه لهو الظلم أعظم الظلم، وهو الضلال أظلم الضلال، أن يقع الإنسان