للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيا ما كان الأمر، فإنه ليس للبحرين، أو لمجمعهما شأن فى كبير مضمون القصة ومحتواها..

- وقوله تعالى: «أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً» هو حكاية لقول موسى لفتاه، وتتمة لما قاله له.. من أنه لا يزال هكذا سائرا حتى يبلغ مجمع البحرين وأنه إذا لم يبلغ مجمع البحرين، ولم يهتد السبيل إليه، فسيظل ماضيا فى سيره، لا يتوقف أبدا.. وفى هذا ما يشير إلى أن موسى- عليه السلام- وهو يطلب مجمع البحرين، لم يكن يعلم على سبيل القطع واليقين أين يجتمع هذان البحران، وإنما هو يتظنّى ذلك ظنا..

وهذا ما يكشف عنه قوله «لا أَبْرَحُ» التي تفيد أنه لا يكفّ عن الطلب والبحث.. وأما قوله: «أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً» فهو يكشف عن حرصه الشديد على تحقيق هذه الرغبة، حتى أنه إذا لم يبلغها فى المدى الذي قدره، فإنه لن يكف عن السعى، بل يظل هكذا طول حياته، راصدا لهذه الغاية، ساعيا إليها.. شأن من تتسلط عليه رغبة، ويستولى عليه أمل، فيعيش حياته كلها ساعيا لهذه الرغبة، جاريا وراء هذا الأمل، إلى أن يتحقق أو يموت دونه.

والحقب: الأزمان المتقطعة، تجىء زمنا بعد زمن، والحقبة: القطعة من الزمن، وجمعها القياسي: حقب لا حقب.. ولكن النظم القرآنى أصل يقاس عليه، ولا يقاس هو على ما ضبط من مقاييس اللغة.

وقوله تعالى:

«فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً» .

هذه حادثة وقعت فى طريقهما إلى مجمع البحرين.. لقد بلغاه فعلا، ولكنهما لم يكونا يدريان أن هنا هو مجمع البحرين..!

ويظهر أن موسى وفتاه لم يكونا قد سارا سيرا طويلا، حسبما كان ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>