فيه قرة عين، وأنس نفس، ومسرة قلب.. مما يريان فيه من صلاح وتقوى، وما يجدان منه من برّ بهما، وإحسان إليهما..
ثم إن بين يدى موسى- مع هذا كله- مثلا ماثلا له، فيما كان بين نوح وابنه.. فقد جعله الله سبحانه وتعالى فى المغرقين، ولم يقدّر له أن يكون فى الناجين المؤمنين.. لقد أغرقه الله أمام عينى أبيه.. وكان العزاء الذي عزّى الله سبحانه وتعالى به نوحا، قوله سبحانه له،: «يا نُوحُ.. إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ.. إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ» !! (٤٦: هود) فماذا يبدو من فرق بين هذا الغلام الذي قتله العبد الصالح، وبين ابن نوح الذي أغرقه الله؟ .. إنه القدر الذي أجرى حكمه على هذين الابنين، ولم ينكشف أمر القدر لنوح إلا بعد أن أنبأه الله فى قوله تعالى:«إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ» .. تماما كما لم ينكشف أمر القدر لموسى إلا بعد أن أنبأه العبد الصالح بقوله:«وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً» ..
بقيت مسألة الجدار!.
ويبدو وجه اللقاء بين ظاهرها، وباطنها بعيدا، أبعد من الحدثين السابقين..
ذلك أنه إذا أمكن أن يلتمس لأمر السفينة وجه يحمل عليه ما أحدث العبد الصالح فيها من خرق، وإذا أمكن أن يقال فى قتل الغلام قول- فإنه لا يمكن أن يلتمس لأمر هذا الجدار وجه، ولا أن يقال فيه قول- إذا أخذت الأمور بظاهرها- إلا أن يكون ذلك على سبيل المغالطة والسفسطة..
فإذا قيل إن خرق السفينة كان لشىء من المعابثة أو اللهو، أو لامتحان