وبهذه الأوصاف استحق موسى أن يقدّم على رسل وأنبياء، كانوا أسبق منه زمانا، كإسماعيل، وإدريس.. وهذا التقديم- وإن رفع من قدر موسى- لا ينقص من قدر هذين النبيين الكريمين، «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ.. مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ»(٢٥٣: البقرة) .
وفى قوله تعالى عن موسى:«وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا» تكريم، فوق تكريم لموسى، وأنه إذ لم يوهب له الولد، فقد وهب له نبىّ يعمل إلى جانبه، فى الرسالة التي ندب لها..
وفى قوله تعالى عن موسى أيضا:«وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا» .. تحديد للمكان الذي نودى منه موسى، وهو أنه كان بالجانب الأيمن من الطور، حين تلقى نداء الحقّ جلّ وعلا..
والجانب الأيمن من الطور، هو الجانب الغربىّ منه..
وهذا التحديد الجغرافى لمكان النداء، يشير إلى أن موسى كان قادما من مدين فى طريقه إلى مصر، وأنه فى متوجّهه هذا كان يخترق أرض الطور، التي يشرف عليها الجبل المسمى بهذا الاسم فى صحراء سيناء على ساحل البحر الأحمر..
فكان الجانب الغربي من الطور على يمين موسى، والجانب الشرقي على يساره..
وحين ناداه ربه، سمع النداء من جانبه الأيمن، وهو الجانب الغربىّ من الطور، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ»(٤٤: القصص) .