بعد أن عرضت الآيات السابقة جهنم وأهوالها، وعرض أهل الضلال عليها، ثم إلقاءهم فيها.. جاءت هذه الآيات بعد ذلك لترد هؤلاء الضالين إلى الحياة التي كانوا فيها، بعد هذه الرحلة المرهقة التي رأوا فيها جهنم عيانا، وطلع عليهم من أنفاسها الملتهبة ما يكظم منهم الأنفاس، ويشوى الوجوه..
جاءت هذه الآيات، لتعرض هؤلاء الضالين المشركين، بعد تلك التجربة، لترى أثرها فيهم، وفى موقفهم من الدعوة إلى الإيمان بالله، والاستجابة لرسول الله- وإذا هم على غيّهم وضلالهم:«وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ» أي واضحات مشرقات: «قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ» نحن أم هؤلاء الذين مع محمد..؟
أي الفريقين منا ومنهم «خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا» أي خير حياة، وخير تمكنا من هذه الحياة، وأحسن مظهرا، حيث يضمنا نادينا، وحيث يجتمعون هم إلى محمد؟ إننا فى نعمة ظاهرة، وفى حياة رافهة، وفى مجالس عامرة بسادة القوم، ووجوه الناس.. وهم بين عبيد أرقاء، وبين فقراء لا وزن لهم فى الناس، ولا مكانة لهم فى المجتمع..
واللام فى قوله تعالى:«قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا» : إما أن تكون لام التعدية، وعلى هذا يكون القول من الذين كفروا موجها إلى الذين آمنوا..