والعذاب.. والتقدير إنما نعدّ لهم عدّا، فنأخذهم بما كسبوا، يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا، ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا..
وحشر المتقين إلى الرحمن، جمعهم إلى ساحة فضله وإحسانه، فى هيئة وفد كريم، يفد إلى جناب كريم، حيث ينزل منازل الإكرام والإعزاز..
وسوق المجرمين إلى جهنم وردا، هو دفعهم إليها، وسوقهم نحوها، كما تساق الأنعام.. فهم أشبه بقطيع من الماشية يساق إلى المذبح، ولا يدرى ماذا يراد به هناك! وفى التعبير عن المشركين بالمجرمين، وصف لهم بالصفة البارزة فيهم، والتي هى لازمة من لوازم الشرك.. فالمشرك مجرم آثم..
ومعنى «وردا» واردين، جمع وارد، والوارد، من يرد الماء ليشرب ويرتوى من ظمأ.. وهؤلاء إنما يردون عطاشا ليرتووا.. ولكن لا يجدون هناك إلا حميما وغسّاقا، كما يقول سبحانه:«ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ»(٥١- ٥٦ الواقعة) قوله تعالى:
أي إن هؤلاء المجرمين المساقين إلى جهنّم، الواردين حياضها على ظمأ يحرق أكبادهم- لا يملكون ما يشفع لهم عند الله، ويعدل بهم عن هذا المورد الوبيل الواردين عليه.. لكن من اتخذ عند الرحمن عهدا، وأمضى هذا العهد ووفى به، فإن له شفاعة عند الله.. فى نفسه، وفى غيره أيضا..
ومن هذا العهد ما يشير إليه قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ