وتنجلى هذه التجربة المثيرة عن إيمان عميق بقدرة الله، يملأ كيان الرجل كله، وتندفع به غيوم الشك من صدره، ويزول دخان الريب من قلبه.
«فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» فهذا تصديق لما كان يعلمه من قبل، وليس إنشاء لعلم جديد. ولكن شتان بين علم وعلم، وإيمان وإيمان.. «وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً»(٧٦: مريم) .
وهنا أسئلة:
فأولا: هل هذه حادثة وقعت، أم هى مثل مضروب للعبرة والعظمة؟.
والذي نقول به هو أن كل قصص القرآن وأمثاله، وما ورد فى هذا القصص والأمثال من أشخاص وأحداث، هو من الواقع الذي لا شك فيه، وإذا كان لنا نحن البشر أن نلجأ إلى الخيال والوهم لننسج منهما قصصا، وذلك حين يعجز الواقع عن أن يسعفنا بما نتصوره ونتمناه، فإن قدرة الخالق جلّ وعلا لا يعجزها شىء.. تريد فيقع ما تريد، كما أرادته، دون قصور أو مهل، إنها إرادة لا يخالطها وهم، ولا يطوف بها خيال، ولا تعللها الأمانىّ..
تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
فالذين يرون أن من قصص القرآن ومن أمثاله ما لا يقع، إنما يتهمون قدرة الله، وينسبون إليه ما ينسبون إلى البشر من عجز وقصور.
وثانيا: هل كان الذي حدث للرجل موتا حقيقيا، أم كان سباتا ونوما طويلا، كما حدث لأصحاب الكهف؟.
وكلا الأمرين يمكن أن يكون، مادام ذلك متعلقا بقدرة الله..
وكذلك الشأن فى حماره الذي كان معه!.
على أننا- مع هذا- نميل إلى القول بأن ما حدث للرجل كان نوما ثقيلا