للأبناء! وهكذا يربّى موسى فى ظل من رعاية الله سبحانه وتعالى، تلك الرعاية التي تجعل له من الشرّ خيرا، ومن العدوّ صديقا..! «إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ، إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ»(١٠٠: يوسف) ثم كان من تدبير الله لموسى، أن أعاده إلى أمه، فجمع بينه وبينها فى بيت فرعون لتكون له مرضعا.. مرضعا لابن فرعون هذا المتبنّى!! ومن لطف الله بموسى أن نجّاه من يد فرعون، وكان فرعون قد طلبه ليقتصّ منه بقتيل قتله.. فنجا موسى، وهرب إلى مدين.. ثم ها هو ذا يعود إلى مصر، ليلقى فرعون مرة أخرى! فهل مع هذا، وبعد هذا، يخشى موسى بأس فرعون وبطشه؟
إنه قد فوّت على فرعون فرصتين كانتا قد سنحتا لقتله من قبل..
فهل كان مع موسى حول أو حيلة يدفع بهما عن نفسه ما كان سينزل به فى كلتا الحالين.. حين كان فرعون يطلبه وليدا، وحين كان يطلبه قاتلا؟
فكيف يخشى فرعون الآن، بعد أن قهره مرتين، وهو لا شىء..
أما الآن فهو يحمل بين يديه آيتين، معجزتين، متحدّيتين.. يحار فرعون فيهما، ويخزى أمامهما، ويفتضح كبره وجبروته بهما، على الملأ من قومه..
ثم كيف يخاف بأس فرعون وجبروته، والله معه.. يخاطبه، ويؤيده؟
ولهذا جاء بعد هذا الإعداد الكامل لموسى، وبعد أن ملأ يديه من السلاح السّماوى القاهر الذي لا يغالب- جاء الأمر إلى موسى بأن يلقى فرعون، وهو أمر قد تلقاه من قبل فى صيغة موجزة، أشبه بالإشارة إلى هذا الأمر المجدّد.. كما سنرى فى الآيات التالية.