كم كان فرعون باغيا متسلطا، وجبارا عنيدا؟ وكم أوقع فى قلوب الناس من فزع ورعب، حتى كاد يكون ذلك طبيعة متمكنة فيهم، لا يمكن مغالبتها إلا باستئصالها بعملية أشبه بتلك العمليات الجراحية، التي تغيّر من خلق ذوى العاهات!؟
وإلّا فما بال موسى، وقد رأى من آيات ربّه ما رأى، فى كل مرحلة من مراحل حياته، ثم أمدّ من السماء بهذه الأسلحة من المعجزات القاهرة المتحدية، ثم كان إلى جانبه أخ له، رفده الله سبحانه وتعالى به، وجعله عونا وظهيرا له- ما باله لا يزال مع هذا كلّه يخشى فرعون، ويرهبه؟ إن ذلك ليس إلا لما كان عليه فرعون من جبروت أوقع به فى قلوب الناس هذا الخوف الرهيب، الذي يندسّ فى كيان الناس، ولا يخرج أبدا!.
ومعنى «يفرط» أي يعجل علينا بالعقوبة، قبل أن يسمع منا ما أرسلنا به إليه، «أَوْ أَنْ يَطْغى» أي يتجاوز هذا إلى العدوان على ذاتك والتطاول على مقامك العلىّ.