وحين اجتمع للسحرة رأيهم، خرجوا على موسى يدعونه إلى النزال..
وجاءوا إليه مستعلين، متمكنين مما فى أيديهم..
فخيّروه بين أن يبدأ هو المعركة، أو يبدءوها هم!.
«قالَ أَلْقُوا» .
وهكذا لقيهم موسى.. لقد أعطاهم الجولة الأولى.. وأتاح لهم الفرصة فيه، وأمكنهم منه، إن كانت بين أيديهم القوّة للقضاء عليه..
وهذا التدبير من موسى، وإن يكن مما تقتضيه آداب الحرب، ومقابلة الخصم بمثل ما قابله به من فضل- فإنه هو الموقف الذي كان لا بدّ له أن يتخذه، حيث يفرغ القوم كل ما فى أيديهم، ثم إذا ضربهم الضربة القاضية، لم يكن لقائل أن يقول إنّه لم يتح لهم فرصة كى يعملوا فيه أسلحتهم، ولو أتيح لهم هذا..
لقد ألقى القوم بكل كيدهم، وإذا حبالهم وعصيّهم، بما عمل فيها من حيل، يخيّل للناظر إليها أنها حيات تسعى.
«فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى» .
لقد وقع فى نفس موسى، من هذا الصّخب واللّجب الذي آثاره فرعون وقومه حين ألقى السحرة بعصيّهم- لقد وقع فى نفس موسى شىء من الرهبة والخوف.. حتى ليكاد الأمر يفلت من يده..