للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبّروا عن الحلىّ، بالأوزار، لأنها كانت كثيرة من جهة، ولأنها كانت نهبا واختطافا من جهة أخرى.. فتحرّجوا من أن يحملوا هذا الحلىّ، وقد رزقهم الله كفايتهم من المنّ والسلوى.. هذا إلى أنه لم تكن بهم من حاجة إلى المال، فى هذا المكان الذي اعتزلوا فيه الناس..

وانتهزها السامري فرصة، فألقى بما فى يديه على هذا الحلي الذي قذف به القوم.. «فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ» أي عجلا مجسدا، فيه حياة وله خوار.. أي يخرج من فمه هذا الصوت المعروف للبقر..

«فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى.. فَنَسِيَ» ..

إنه ما كاد ينظر القوم إلى هذا العجل، الذي خرج من هذا الحلي، حتى فتنوا به، وحتى أطلّ عليهم منه وجه العجل الذي كان يعبده فرعون وقومه..

فقالوا: «هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى» الذي ذهب إليه، ليلقاه هناك بعيدا عنا، فنسى نفسه هناك.. وفاته أن يدرك حظه من لقاء ربه معنا هنا!! وفى الانتقال بالحديث من الخطاب إلى الغيبة، إشارة إلى أن الذين واجهوا موسى أولا بقولهم: «ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها» - هؤلاء هم الذين سبقوا إلى أن يبرئوا ساحتهم.. وأن كل ما فعلوه هو أنهم تخلصوا من هذا الحلي المغتصب الذي كان معهم!! - أما قوله تعالى: «فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ» - فهو مما نطق به لسان الحال، وكشف عنه الواقع..

وهو ردّ على هؤلاء الذين جاءوا فى جلود الحملان الوادعة.. قائلين إنهم لم يفعلوا منكرا، بل فعلوا ما يحمدون عليه.. وهو التخلص من هذا المال الحرام!!

<<  <  ج: ص:  >  >>