للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي يداعبها الأمل بالنجاة فى هذا الركض الذي يركضونه..

فهم مسئولون لا محالة عما كانوا فيه من ضلال، واستغراق فى الترف الذي أذهلهم عن النظر فى أنفسهم، وطلب النجاة قبل وقوع البلاء بهم.. وقد جاء الإخبار بسؤالهم فى صورة الرجاء، الذي يمكن أن يقع أو لا يقع، وذلك لتتحرك فى صدورهم مشاعر الأمل فى النجاة، ثم إذا هم تحت ضربات البلاء، وقد أحاط بهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم.. فيالخيبة الأمل! لقد برقت بوارقه، ثم انطفأت، فإذا هم فى ظلمات يعمهون.

قوله تعالى:

«قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ» .

وهكذا أصبحوا وجها لوجه مع عذاب الله النازل بهم، لا يملكون معه إلا التّنادى بالويل، وإلا أن يندبوا حظهم المنكود، ويرجعوا على أنفسهم باللائمة والندم، ولات ساعة مندم! وهكذا تظل تتعالى صيحاتهم، ويتعاوى صراخهم، إلى أن تخمد أنفاسهم، ويصبحوا جثثا هامدة، كحصاد هشيم، تذروه الرياح.

قوله تعالى:

«وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ» .

أي أن الله سبحانه وتعالى ما خلق شيئا عبثا ولهوا.. فالسماء والأرض وما بينهما من كائنات وعوالم، إنما خلقت لحكمة مرادة لله سبحانه وتعالى، ولقصد حكيم قصده من خلقها..

وكذلك الناس، لم يخلقوا عبثا، وإنما خلقوا ليعمروا الأرض، ويعبدوا

<<  <  ج: ص:  >  >>