للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفَتَقْناهُما»

أي فصلنا بعضهما عن بعض.. فكانت السماء، وكانت الأرض.

ثم كانت من السموات ما فيهن من عوالم، وكان من الأرض ما فيها من مخلوقات..

كانت السموات والأرض كتلة، أشبه بالنطفة التي يتخلّق منها الجنين..

فمن هذه النطفة كان هذا الإنسان، بل هذا الكون الصغير، وكان هذا الخلق السوىّ الذي هو عليه..

وقوله تعالى: «وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ» - إشارة إلى هذا العنصر العظيم من عناصر الحياة، وهو الماء.. فهو أصل كل حىّ، وبذرة كل حياة فى عالمنا هذا الذي نعيش فيه.. فالإنسان، والحيوان، والنبات، قوامها جميعا الماء، الذي به لبست ثوب الحياة، ومنه تستمد بقاءها، ووجودها.. فإذا افتقدت الماء عادت إلى عالم الموات..

وهذه الحقيقة قد أصبحت من مقررات العلم الحديث، الذي أثبت أن نشأة الحياة على هذه الأرض قد ظهرت أول ما ظهرت على شواطئ الأنهار..

فكانت أول أمرها ظلالا باهتة للحياة، وإشارة خافته إليها، ثم أخذت تنمو شيئا فى بوتقة الزمن على مدى ملايين السنين، حتى ملأت هذه الدنيا، فى صور متعددة، وأشكال مختلفة، لا تكاد تقع تحت حصر.

- وفى قوله تعالى: «أَفَلا يُؤْمِنُونَ» نخسة لهؤلاء الضالين، أن يتنبهوا، وأن يوقظوا عقولهم، ويفتحوا أبصارهم على هذا الوجود، وما أبدع فيه الخالق وصوّر..

فلو أنهم أداروا عقولهم على هذا الوجود، بقلوب سليمة، ومشاعر متفتحة لا نكشف لهم من أسراره ما يحدّثهم أبلغ الحديث عن قدرة الله، وعلمه، وحكمته، المبثوثة فى كل ذرة من ذرات هذا العالم.. وإذن لآمنوا بالله،

<<  <  ج: ص:  >  >>