فضل صاحب القوة الجسدية عليه، وبهذا يتعادل الأقوياء والضعفاء، ويكون من ذلك أن يكبح جماح أصحاب القوى الجسدية، التي كانت أظهر قوة عاملة، فى مجال البغي والعدوان وفى تسلط الأقوياء على الضعفاء..
وننظر فى المجتمع الإنسانى اليوم، فنجد أن اختراع القنبلة الذرية، التي هى أشنع ما عرف من أدوات التدمير والإهلاك.. قد كانت فى أول أمرها يوم وقعت ليد أمة من الأمم، كانت مصدر خطر عظيم فى يد هذه الأمة، تكاد تهدد به العالم، ولكن سرعان ما سعت غيرها من الأمم إلى امتلاك هذه القوة الرهبية، وسرعان ما بطل مفعولها أو يكاد يبطل، حيث أنها نذير بالشرّ العظيم للأطراف المتحاربة بها جميعا.. وهنا نلمح إشارة مضيئة من قوله تعالى:
«وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» - تشير إلى قوله تعالى:«وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ.. فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ» فالقصاص إزهاق نفس، ولكن فيه حياة لنفوس، إذ أن القصاص يقتل فى نفوس، كثير من الناس ممن تحدثهم أنفسهم بالقتل- يقتل فيهم تلك النزعة الداعية إلى القتل، خوفا من أن يقتل القاتل بمن قتله.. وكذلك الدروع التي يلبسها المتحاربون، هى وقاية لكل منهما من عدوان الآخر عليه..
وليس هذا شأن الدروع وحدها، بل هو شأن كل وسائل القتال، والدفاع.
فهى وإن كانت أداة تدمير وهلاك، هى فى الوقت نفسه عامل ردع وزجر..
بل إنها دعوة إلى السلام، وإخماد نار الحروب، إذا توازنت القوى بين الأمم.
وقد كان من تدبير الله تعالى، أن وضع هذه الدروع أول ما وضعها فى يد نبىّ كريم، لا يكون منه بغى أو تسلط.. ثم أصبحت ملكا مشاعا فى الناس جميعا..
وثانيا: أن القرآن الكريم فى حديثه عن الدروع، وعن أنها نعمة تستوجب الشكر، إنما يتحدث إلى المجتمع الإنسانى، الذي من طبيعته البغي