السابقة:«وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ» .. على ما ذهب إليه المفسّرون..
والمعنى: إننى وإن كنت لا أدرى أقريب أم بعيد ما توعدون، فإننى أدرى هذا الذي أنتم فيه من شرود عن الله بما فى أيديكم من مال ومتاع..
لعله فتنة لكم، كما يقول سبحانه وتعالى:«وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» وإنه «مَتاعٌ إِلى حِينٍ» أي متاع إلى أجل محدود لا تتجاوزونه.. فلستم خالدين فى هذه الدنيا، وليس فى أيديكم ضمان لهذا المتاع الذي معكم، فقد تصبحون وليس فى أيديكم شىء منه..
وقد جاء الخبر مصحوبا بلعلّ التي تفيد الرجاء، لأن ذلك الخبر ليس على سبيل القطع بالنسبة للمخاطبين جميعا.. فإن فيهم من يثوب إلى رشده، ويستجيب للدعوة، ويدخل فى دين الله..
هو حكاية لقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه، الذي يعقّب به على هذا الموقف الذي بينه وبين المشركين، الذين يقفون منه هذا الموقف المنادي فيدعو ربّه أن يحكم بينه وبين هؤلاء المشركين، والضالين «بِالْحَقِّ» فيعطى كلّا حقّه.. ماله، وما عليه.
والله سبحانه وتعالى لا يحكم إلا «بِالْحَقِّ» وفى قول النبىّ «احْكُمْ بِالْحَقِّ» تطمين لهؤلاء المشركين الضالين، وهو أنه إذ يدعوهم إلى الاحتكام إلى الله، فإنما يدعوهم إلى من يحكم بالحقّ، وهو لا يطلب من الله سبحانه محاباة له، إذ كان مؤمنا بالله وهم أعداء لله.. إنه لا يريد غير الحق، من الحق جل وعلا وهذا شأن الواثق من الحق الذي فى يده..