وذلك التعميم الذي يشمل الناس جميعا، إنما هو لأن أهوال هذا اليوم لا يكاد يتصورها أحد، لأنها تخرج عن دائرة التصور البشرى، وتجىء على صورة لم تقع للناس فى حياتهم الأولى، على رغم ما وقع لهم من أهوال، وما نزل بهم من بلاء.. ومن هنا كان الذين يؤمنون بالآخرة، ولا يعملون لها، مطالبون بأن ينتبهوا، وأن يعملوا أكثر مما عملوا.. فإنهم- على يقظتهم، وعلى خوفهم من لقاء ربّهم، وعلى إعدادهم ليوم اللقاء- إنهم مع هذا كله أشبه بالغافلين.. فإن الهول شديد، وأن الموقف لا يمكن تصوره.. ومن هنا أيضا كان المؤمن فى حاجة دائمة إلى تذكر هذا اليوم، وإلى الحياة معه، وإلى العمل له، وإنه مهما أكثر من عمل، فإنه قليل إلى المطلوب منه لهذا اليوم، لو علم هوله، وتصور صورته.
وقوله تعالى:«إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ» هو عرض لهذا اليوم العظيم، وما يقع فيه من أهوال، وما يطلع به على الناس من مفزعات.. والزلزلة، الهزّة والرّعدة، وهى الإرهاصات التي تقوم بين يدى هذا اليوم.
هو «لقطات» من مشاهد هذا اليوم.. فمجرد رؤية ما يطلع فى هذا اليوم، يأخذ على الناس عقولهم، وأسماعهم وأبصارهم.. فتذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت، وتضع كلّ ذات حمل حملها.. حيث لا يملك أحد- مع هذا البلاء- شيئا من نفسه، فتتعطل فيه الأجهزة «العاملة» الإرادية منها وغير الإرادية..
ويصبح مجرد شبح يتحرك كما تتحرك الأشباح! والصورة هنا مجازية، فليس هناك مرضع حتى تذهل عن رضيعها، ولا حامل