تلك هى «قضية البعث» .. وهذه هى حيثياتها، يجدها الإنسان فى نفسه هو، من مولده إلى مماته.. فإن أعياه النظر إلى نفسه، وجدها فى الأرض التي يمشى عليها.. فإن عمى عن هذا وذاك، فهيهات أن يرى وجه الحقّ أبدا.
فإن ذلك العمى من عمى القلب، الذي ليس لمصاب به شفاء، والله سبحانه وتعالى يقول:«فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ»(٤٦: الحج) ..
وهنا نحبّ أن نقف وقفة مع عملية «الخلق» وبعث الحياة فى المخلوقات.
فهذه العملية، عملية «الخلق» ، هى مما استأثر الله سبحانه وتعالى به، ليس لأحد من مخلوقاته أن يكون له معه شركة فيه.. وفى هذا يقول الله تعالى:
«أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ»(٥٤: الأعراف) .. هكذا على سبيل القصر..
فلله وجه- بلا مشاركة- «الْخَلْقُ» وهو الإيجاد، والتصوير، وبعث الحياة فى الموجودات والمصوّرات.. «وَالْأَمْرُ» وهو التقدير، لخلق ما يخلق وتصوير ما يصور.. «أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ» .
هذا، وتتطلع الإنسانية دائما إلى كشف هذا السرّ- سرّ الحياة- ويحاول العلماء والباحثون أن يصلوا إلى تلك الحقيقة، وأن يضبطوا قوانينها، وأن يضعوا أيديهم عليها، حتى يكون لهم أن يخلقوا ما يشاءون من مخلوقات، وأن يتحكموا فيما يخلقون.. من إناث أو ذكور، على اختلاف الألوان والصور!.
وقد أجرى كثير من العلماء تجارب عديدة فى هذا المجال، وزرعوا واستنبتوا فى مخابرهم خمائر للحياة.. ولكن ذلك كلّه لم يصل بهم إلى شىء