وطهره من الشرك، واجعله خالصا لله، ولعباده المؤمنين به، الذين يجيئون إلى بيته طائفين، قائمين، راكعين، ساجدين..
- وفى قوله تعالى:«وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» إشارة إلى أن هذا البيت سيكون لتلك الأمة الإسلامية، التي سيكون السجود معلما من معالم صلاتها، وحدها دون غيرها من أصحاب الديانات السماوية كاليهود والنصارى، ولهذا كانت سمة المسلمين التي يعرفون بها بين الأمم، هى هذا الأثر الذي يتركه السجود فى الجبهة، وقد وصفوا بهذا الوصف فى التوراة كما يقول سبحانه وتعالى:«مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ» . (٢٩: الفتح) وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة، وإحسانه إليها، إذ أعدّ لها هذا البيت قبل أن يبعث فيها رسول الله، ويجىء إليها برسالة الإسلام..
وفضلا عن هذا، فإن إعداد إبراهيم لهذا البيت، وإقامته بيده، يقابله من جهة أخرى إعداده لرسالة الإسلام، إذ كان هو أبا الأنبياء، وكانت رسالة من أرسلوا من ذريته، كموسى وعيسى أشبه بتلك اللبنات التي رفع بها إبراهيم القواعد من البيت، فلما جاء الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- برسالة الإسلام، كمل البناء، وأصبح البيت مهيأ لاستقبال «الْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» ..