هو صفة للمخبتين، الذين وعدهم الله بالبشريات المسعدة، فى الدنيا والآخرة.
فمن صفات هؤلاء المخبتين، أنهم إذا ذكر الله وجلت قلوبهم لذكره، وحضرتهم حال من الرهبة والخشية لجلال الله وعظمته.
ثم إنهم لإيمانهم بالله، هذا الايمان الذي يملا قلوبهم جلالا وخشية- صابرون على ما أصابهم ويصيبهم من بلاء، فإن الجزع ليس من صفات المؤمنين، لأن الجزع لا يجىء إلا من شعور بأن ليس وراء الإنسان قوة تسنده وتعينه وتكشف ضرّه.. أما المؤمن، فإنه إذا ابتلى بأعظم ابتلاء، لا يجزع، ولا يكرب، ولا يخور، بل يحتمل صابرا، ويثبت للمحنة، وهو على طمع فى رحمة الله أن ينكشف ضره، ويدفع بلواه.. ثم إن هؤلاء المخبتين يقيمون الصلاة، ويؤدونها فى خشوع وخضوع، إذ هى التي تصل المؤمن بربه، وتعمر قلبه بالإيمان به.. ومن هنا كان الصبر هو الثمرة الطيبة التي تثمرها الصلاة، كما يقول سبحانه:«وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ» .
وقدّم الصبر على الصلاة، لأنه مطلوب لها، حيث لا تؤدّى كاملة إلا مع الصبر، فإذا أدّيت كانت هى نفسها رصيدا كبيرا تزيد به حصيلة الصبر فى كيان المؤمن.. ثم إن هؤلاء المخبتين لا يمسكون رزق الله الذي رزقهم، فى أيديهم، ولا يحبسونه على أنفسهم، بل ينفقون منه فى وجوه البرّ، ويرزقون عباد الله مما رزقهم الله.. إذ أنهم ينفقون ما فى أيديهم، وهم على رجاء من أن الله يرزقهم، ويكفل لهم ما يكفل للطير والدواب من رزق.. «فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ» .