نظر المفسرون فى قوله تعالى:«فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ» فرأوا هذا الخبر بالنسخ، فكان هذا منطلقا ينطلقون منه إلى إثارة هذه القضية، وإلى البحث عن المنسوخ الذي نسخه الله، وكان من هذا أيضا امتداد النظر إلى ما وراء القرآن الكريم، والإصغاء إلى ما يلقى إليهم من أخبار وروايات يمكن أن يتّكأ إليها، للكشف عن أساس تقوم عليه الآية الكريمة، وبتحقق بها ما أخبر به الله سبحانه وتعالى من نسخ لما ألقى الشيطان.. ثم كان ذلك داعية للبحث عن هذا الذي ألقاه الشيطان، ثم نسخه الله..!
هناك إذن أمران، كان على المفسّرين الكشف عنهما فى هذا الموقف:
ما هى أمنية النبي؟
ثم ماذا ألقى الشيطان فى أمنية النبىّ؟ وأين ألقاه؟ ثم بماذا نسخه الله؟
وقد كان! فألقى المفسّرون بشباكهم فى هذا البحر المتلاطم، الذي يفيض من يدى القصاص، ورواة الأخبار.. فجاءت بأكثر من صيد.
فمن ذلك ما روى أن النبىّ صلى الله عليه وسلم قرأ مرة سورة «النجم» والمشركون يستمعون إليه، وحين بلغ إلى قوله تعالى:«أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى» أتبع ذلك بقوله: «تلك الغرانيق «١» العلا» وفى رواية:
«إن شفاعتها لترتجى، وإنها لمع الغرانيق العلا» وفى رواية ثالثة: «والغرانقة العلا تلك الشفاعة ترتجى» .. وفى رواية رابعة «إن شفاعتهن لترتجى» من غير ذكر الغرانقة العلا.
(١) الغرانيق: جمع غرنيق، أو غرنوق (بضم الغين) أو غرانق (بضم الغين أيضا) وهو طائر مائى يشبه الكركي، ويشبه به الشاب الأبيض الجميل كما يشبه به الملائكة.