للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير:

قوله تعالى:

«لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ» .

المنسك: الشريعة، والجمع مناسك، وهى مراسم الشريعة، وأحكامها، وحدودها..

والمعنى أن الله سبحانه وتعالى، جعل لكل أمة من الأمم، شريعتها التي تلائم ظروفها وأحوالها، وذلك رحمة من الله سبحانه، بعباده، إذ لو أخذهم الله جميعا بشريعة واحدة منذ بدء الخليقة، لكان فى ذلك إعنات لهم، وتضييق عليهم، إذ يصبحون بهذه الشريعة فى حال من الجمود، لا يتحركون معه إلى يمين أو شمال، أو أمام أو وراء.. والحياة الإنسانية تتحرك دائما، متقلبة الأحوال.. وهى فى حركتها وتقلبها تتجه إلى الأمام دائما.. فكان من حكمة الحكيم، ورحمة الرحيم، أن جعل شرعة فيهم مناسبا لظروفهم وأحوالهم، يلقاهم أمّة أمّة، وجماعة جماعة، فيعطى كل أمة وكل جماعة، ما يصلح لها، ويسدّد خطوها على طريق الحياة..

- وفى قوله تعالى: «هُمْ ناسِكُوهُ» إشارة إلى أن كل أمة ترتبط بشريعتها التي شرعت لها، وتجرى محاسبتها عليها.. كما يقول سبحانه: «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً» (٤٨: المائدة) .

- وقوله تعالى: «فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ» أي أن الشريعة التي بين يديك أيها النبىّ هى شريعتك التي اختارها الله بعلمه وحكمته، لأمتك، لتكون خاتمة رسالات السماء.. فلا ينازعنك فيها أصحاب الشرائع الأخرى من أهل الكتاب،

<<  <  ج: ص:  >  >>