للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإشارة هنا بهذا، إلى قوله تعالى: «هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» أي وفى هذا الاجتباء، ورفع الحرج عنكم، سبب لأن يكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس..

وشهادة الرسول على أمته، هو أن يشهد بأنه بلّغ رسالته فيهم، ودعاهم إلى الإيمان بالله، وإلى الاستقامة على ما شرع الله لهم من عبادات وأحكام..

وهو بهذه الشهادة يدين كلّ من أبى وقصّر..

أما شهادة هذه الأمة على الناس، فهى مثل شهادة الرسول عليهم..

أي أنهم بمنزلة الرسول فى الناس، يدعونهم إلى الله، ويبلغونهم رسالة الإسلام، وهم بهذه الشهادة يدينون كلّ من أبى الاستجابة لهم، والدخول فى دين الله معهم..

وهذه المنزلة التي رفع الله بها قدر هذه الأمة، وأعلى بها شأنها فى الناس، وجعل لها بها ما للرسل فى أقوامهم- هذه المنزلة العالية الرفيعة، هى أمانة، لا يحملها إلا أولو العزم من الناس، ومن هنا كان واجبا على كل مسلم أن ينهض بحمل هذا العبء، وأن يرى الناس منه، فى قوله وعمله، من استقامة الخلق، واعتدال السلوك ما يرى الناس فى الأنبياء والرسل..

فيا ليت قومى يعلمون هذا الشرف العظيم، الذي قلده الله سبحانه وتعالى إياهم، وهذا الواجب الكريم الذي أناطه بهم، وهذا المقام الرفيع الذي أقامهم على الناس فيه..!!

إن أي مسلم لا يرى- بعمله، وعلمه، وقدره فى الناس- أنه فى مكان القيادة من المجتمع الإنسانى، فهو ليس من الإسلام فى شىء.. إنه لن يكون فى المسلمين الذين يشهدون على الناس يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>