للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقار الظهر، وأضلاع الصدر، كما يقول تعالى: «فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ» (٥- ٧: الطارق) .

وقد يكون القرار المكين، هو الرحم الذي تستقرّ فيه النطفة..

وبين خلق الإنسان من طين، وبين جعله نطفة فى قرار مكين، مقابلة، بين نشأة الإنسان الأول من الطين، وبين عملية التوالد، التي هى وظيفة عضوية من وظائف هذا الإنسان..

فالنشأة الأولى، من التراب.. وفى هذا التراب كانت تكمن جرثومة الإنسان الأول كما تكمن النطفة فى هذا القرار المكين من الإنسان..

ولكن شتان بين نطفة ونطفة! فالنطفة التي تخلّق منها الإنسان الأول كانت من مادة هذه الأرض كلها.. والمدى بعيد شاسع بين مادة الأرض، وبين هذا الإنسان المتخلق من المادة.. ولهذا جاء التعبير القرآنى المعجز عن هذه العملية بلفظ «الخلق» :

«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ..»

أما نطفة الإنسان، وما يتخلّق من هذه النطفة من كائن بشرى مثل هذا الإنسان، فالمسافة بينهما قريبة فى مرأى العين البشرية، وفى مواجهة الشواهد الكثيرة لهذا.. فى عالم النبات والحيوان.. حيث تخرج الحبّة نباتا مثل هذا النبات الذي جاءت منه، ويخرج الحيوان من نطفته حيوانا مثله.. ولهذا جاء التعبير القرآنى المعجز عن هذه العملية بلفظ جعل. «ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً» ..

والجعل دون الخلق، إذ هو وظيفة من وظائف المخلوق، وذلك مثل قوله تعالى:

«وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً» (٨- ١١ النبأ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>