نعمة من نعم الله، نجا عليها من آمن به.. وكذلك كل نعمة من نعم الله الكثيرة التي فى أيدى الناس، هى فلك نجاة، يسلك بها الإنسان طريقه إلى الله، ويستدل بها على قدرته وحكمته، فيؤمن به، ويبتغى مرضاته، وبهذا ينجو من سخطه وعذابه، الواقع بالظالمين المكذّبين.
وقد جاء نوح إلى قومه يذكّرهم بالله، ويدعوهم إلى الإيمان به وحده، ويحضهم على تقواه:«أَفَلا تَتَّقُونَ؟» .
وكان جواب القوم على هذه الدعوة الكريمة، ما جاء فى قوله تعالى:
«فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ» .
إنها فلسفة مريضة، وسفاهة عمياء..
«ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ» .. هكذا رأى القوم- بجهلهم وغبائهم- فى هذا الداعي الذي يدعوهم إلى الله.. إنه طالب سلطان عليهم واستعلاء فيهم، بهذا الموقف الذي يقفه منهم.. إذ كيف يقودهم فينقادون؟ ويدعوهم فيستجيبون؟ وهو واحد منهم لا فضل له عليهم؟ فمن أين جاءه هذا السلطان فيهم؟ ومن أين كانت له هذه الكلمة عليهم؟ إنّها لا أكثر من دعوى يدّعيها، وإنه لا أكثر من قول يقوله: أنا رسول الله إليكم!! وإذا كان لله رسل، فلم لم يكونوا من الملائكة، وهم أقرب إلى الله، وأكثر اتصالا به؟
وإذن فالقوم كانوا يعرفون الله، ويعرفون أن لله سبحانه وتعالى ملائكة.
نعم، ولكنهم كانوا أشبه بمشركى العرب.. يعرفون الله هذه المعرفة المطموسة بتلك التصورات الفاسدة، التي لا ترتفع بجلال الله إلى ما يليق به من