للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجال وبعضها يلد الأنكاد المشائيم منهم.. وهذا ما نجده فى قوله تعالى:

«وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً» .

وليس ينكر أثر البيئة فى تكوين شخصية الإنسان، وفى تلوين صبغته الظاهرة والباطنة.. فأهل البادية غير أهل الحضر، وسكان البلاد الحارة غير سكان البلاد المعتدلة.

ولحكمة عالية، وسرّ عظيم، كان اختيار الجزيرة العربية مطلعا لرسالة الإسلام الخالدة، واختيار رسولها من نبت هذه البادية، ومن زهرها الطيب الكريم.. وقد عرضنا لهذا الموضوع فى كتابنا: «النبىّ محمد صلى الله عليه وسلم» .. تحت عنوان: «مكان الدعوة وزمانها» .

قوله تعالى:

«إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ» .

الإشارة هنا إلى هذا الحدث، وما كان فيه من هلاك القوم الظالمين، ونجاة الرسول ومن آمن معه.. ففى هذا الحدث آيات، وشواهد على قدرة الله، وإحاطة علمه بما يقع من عباده من طاعة أو عصيان..

وقوله تعالى: «وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ» .. (إن) هنا مخففة من «إنّ» الثقيلة..

والمعنى أن الله سبحانه وتعالى جعل الابتلاء والاختيار أمرا لازما يؤخذ به عباده، حتى ينكشف حالهم، ويأخذ كل منهم مكانه فى هذا الابتلاء.. فإرسال الرسل إلى الناس، ودعوتهم إلى الإيمان بالله، وإتيان ما يفرضه عليهم الإيمان من واجبات، هو ابتلاء، يتكشف آخر الأمر عن مؤمنين وكافرين، وناجين وهلكى.. والله سبحانه وتعالى يقول: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ» (٣١: محمد)

<<  <  ج: ص:  >  >>