للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخطأهم كله أو بعضه، أفلت من أيديهم هذا السرّ، الذي يفتحون به مغالق الحياة، ويذللون به ما تأبّى عليهم منها..

فالحق، هو هذا المحيط العام الذي تصب فيه روافد الحقائق التي يقوم عليها نظام الوجود، والموجودات جميعا..

- وفى قوله تعالى: «وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ» .

إشارة إلى أن أىّ اختلال يدخل على الحق، فى أي موقع من مواقعه، وفى أي ذرة من ذرات الوجود كله، من شأنه أن يفسد نظام هذا الوجود فى أرضه وسمائه، وفيما فى أرضه وسمائه..

ذلك أن الحق- كما قلنا- كيان واحد.. إنه أسباب ومسببات يأخذ بعضها برقاب بعض.. من الذرة إلى النجوم والكواكب.. فكل سبب يقوم على سبب، ويقوم عليه سبب، وهكذا فى سلسلة متصلة الحلقات، وقطع أي حلقة، هو قطع لهذا الشريان، الذي يغذى كيان الحق، ويحكم نسجه..

فلو أنه دخل على الحق، بعض ما فى نفوس هؤلاء المشركين من هوى وضلال، ثم صار هذا الهوى قوة عاملة فى الوجود، لأدخل الخلل على نظام الوجود كله، ولفسدت السموات والأرض ومن فيهن!! قوله تعالى:

- «بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ» .

أي أن الحق لم يتبع أهواء هؤلاء المشركين، ولم يجئهم الرسول بما تشتهى أنفسهم، بل جاءهم بالحق، الذي فيه ذكرهم.. أي رفع قدرهم، وعلوّ إنسانيتهم، لو أنهم اتبعوه، واستقاموا عليه..

<<  <  ج: ص:  >  >>