«حَتَّى» غاية لمحذوف دل عليه السياق، والتقدير، ولكن كثيرا من الناس، لا يأخذون حذرهم من الشيطان، ولا يستعيذون بالله منه، فيفسد عليهم دينهم، وينقض ظهورهم بالذنوب والآثام، ثم يظلون هكذا فى غفلتهم «حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ» وانكشف عن عينيه الغطاء، ورأى ما قدم من منكرات «قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ» إلى دنياى، «لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ» ولأصلح من أمرى ما فسد، وأقيم من دينى ما اعوجّ.. ولكن هيهات.. لقد فات وقت الزرع، وهذا أوان الحصاد.. «كَلَّا.. إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها» أي إنها مجرد كلام يقال، لا وزن له، ولا ثمرة منه.. «وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ» أي أن هناك سدا قائما، فاصلا بين الأموات، وعالم الأحياء.. فلا سبيل لمن أدركه الموت أن يخترق هذا البرزخ، وينفذ إلى عالم الأحياء مرة أخرى، وذلك «إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» .. حيث يزول البرزخ، وينتقل الناس جميعا إلى العالم الآخر، ويصبحون جميعا فى عالم الحق..
أي فإذا صار الناس إلى هذا اليوم، يوم النفخ فى الصور، للبعث، جاءوا وقد شغل كل منهم بشأنه وتقطعت بينهم الأنساب، فلا يجتمع قريب إلى قريب، ولا يلتفت صاحب إلى صاحبه..