للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدائهم دواء: «وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ» (٢٨:

الأنعام) ولهذا جاء الردّ القاطع الزاجر: «اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ» ..

أي انزجروا فيها، وأقيموا حيث أنتم، ولا تكلموا الله.. فإنه سبحانه لا يقبل منكم قولا، ولا يجيب لكم سؤلا.

قوله تعالى:

«إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ» .

هو تعليل لما أخذهم الله به، من كبت وزجر، ولما رماهم به من عذاب اليم.

إنهم لم يؤمنوا بالله، ولم يستجيبوا لرسول الله، بل كذّبوه، وبهتوه، وآذوه.. ولم يقفوا عند هذا، بل إنهم تسلطوا على المؤمنين بالله، واتخذوهم سخريّا، وجعلوا منهم مادة للضحك والعبث.. «إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ» (٢٩، ٣٠ المطففين) .

وفى قوله تعالى: «حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي» إشارة إلى أن اشتغال هؤلاء المشركين الضالين بالسخرية من المؤمنين، والضحك منهم، قد ألهاهم عن ذكر الله، وصرفهم عن النظر فى آياته، والاستماع إلى كلماته.. إنهم شغلوا بغيرهم عن أنفسهم، وعن العمل لما فيه خيرهم ورشادهم.. وهذا شأن كل من يشغل بأمور الناس، ويجعلها همّه.. إنه ينسى نفسه، ويحرمها ما كان يمكن أن يسوقه إليها من سعيه وجهده.

وفى نسبة نسيانهم لذكر الله، إلى المؤمنين، مع أن المؤمنين لم يكن منهم دعوة لهم إلى نسيان ذكر الله، بل إنهم كانوا يدعونهم إلى الله، ويذكّرونهم

<<  <  ج: ص:  >  >>