يرمون أزواجهم- جاءت الآيات هنا تبين حكما خاصا لواقعة خاصة، ترمى بها أحصن المحصنات، أم المؤمنين، عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم..
والقضية فى أصلها قضية واحدة، هى رمى المحصنات، واتهامهنّ بتلك التهمة الشنعاء.. وقد جاءت فى ثلاثة معارض، الأول عاما، والثاني خاصا، والثالث أخص..
فالمحصنات، يدخل فى حكمهن الزوجات، كما يدخل فيهن الإفك على أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها.
وإنما جاء الحديث عن الزوجات فى معرض خاص- وإن شملهن حكم المحصنات- لأن للعلاقة الزوجية- كما قلنا- اعتبارات خاصة، ينبغى أن يكون لها حساب وتقدير، غير حساب الأجنبى الذي يرمى محصنة أو محصنا.. كذلك، أم المؤمنين- عائشة- هى غير عامة المحصنات، وهى غير الزوجة.. إنها الأم لكل مؤمن ومؤمنة، فكان لا بد أن يكون لأمرها هنا ذكر خاص، وأن يتولى القرآن الكريم الكشف عن تلك الفرية التي افتريت عليها، وأن يمسك بأهل الإفك، ويسجل فضيحتهم، لتبقى عالقة بهم إلى الأبد..
والرأى عند المفسرين، والفقهاء، والأصوليين- أن بين الحكم الخاص بقذف الزوجات، وبين الحكم العام المتعلق بقذف المحصنات- تناسخا، وأن الآية الثانية ناسخة لعموم الحكم فى الأولى.. أي أن قوله تعالى:«وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ.. الآيات» ناسخ لعموم الحكم فى قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً..»
والرأى عندنا أنه لا تناسخ بين الحكمين.. فكل من الحكمين عامل